سحر البابليين
النوع الأول: سحر البابليين من الكلدان الذين كانوا يعبدون الكواكب، ويرونها مدبرة هذا العالم، فيستميلونها إليهم، أو يصرفون ضررها عنهم بالرقى والدخن وكل ما يناسب الكواكب ويقرب منها في رأيهم.
سحر أصحاب الأحوال
النوع الثاني: سحر أصحاب الأحوال ذوي النفوس القوية المؤثرة عندهم، يعملون لتقويتها بتقليل الغذاء والعزلة عن الناس وقطع المألوفات والمشتهيات، ويستعينون على تأثيرها بالرقى والدخن.
قال ابن كثير في " تفسيره ": " والتصرف بالحال على قسمين: تارة تكون حالًا صحيحة شرعية يتصرف بها فيما أمر الله ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويترك ما نهى الله تعالى عنه ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فهذه الأحوال مواهب من الله تعالى وكرامات للصالحين من هذه الأمة، ولا يسمى هذا سحراً في الشرع، وتارة تكون الحال فاسدة لا يمتثل صاحبها ما أمر الله ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا يتصرف بها في ذلك، فهذه حال الأشقياء المخالفين للشريعة، ولا يدل إعطاء الله إياهم هذه الأحوال على محبة لهم؛ كما أن الدجال له من الخوارق للعادات ما دلت عليه الأحاديث الكثيرة، مع أنه مذموم شرعاً لعنه الله " .
سحر أصحاب العزائم
النوع الثالث: سحر عبدة الشياطين وخدمة الجان، يتقربون إليهم بالرقى والعزائم والدخن، يزعمون عن خيال ووهم زعماً لا يشهد له عقل ولا أثارة من علم أن ما يعزمون به أسماء لله تعالى كانت الملائكة تتصرف بها في الجن على عهد سليمان فمتى ذكَرهَا المعزم؛ انقادت له الجن في استخراج الخبايا أو الخروج من الممسوس.
سحر أصحاب الشعوذة
النوع الرابع: سحر المشعوذين يخدعون الناس بحركات خفيفة، يصرفون بها الأنظار عما يريدون فعله والاحتيال فيه إلى شيء معين يحدق الحاضرون إليه بأعينهم.
سحر أصحاب التخييل بالصنعة:
النوع الخامس: سحر حذاق أهل الصنعة؛ كتركيب آلات على نسب هندسية تظهر منها أعمال عجيبة، والصناعات- كالعلوم- منها الجلي الذي يدركه كل عاقل رآه أو سمعه، ومنها الخفي الذي لا يدركه إلا الخواص ممن عنوا به، وقد قيل: إن سحر القبط من النوع الرابع، وقيل: من هذا النوع، عمدوا إلى الحبال والعصي، فحشوها زئبقاً، وصارت تتلوى، فخيل للناظرين أنه تسعى باختيارها، وإنما يعد هذا في السحر إذا كتم الصانع أسباب عمله الخفية، وزعم أنه يفعل ذلك خارقاً للعادة بقوة نفسه أو بجاهه عند الله، كالذين يحملون العصي الخاصة لصرخ البارود، يوهمون العامة أنها عصي عادية تصرخ كرامة لهم.
النيران، ومسك الحيات ... إلى غير ذلك من المحالات ".
قلت: وقد ارتقى اليوم علم الكيمياء ارتقاء بديعاً، وصارت المركبات الكيماوية بضائع مبتذلة، فتجد عبدة الخوارق يقتنون منها ويدجلون بها على البداة الذين لم يزالوا على الفطرة لم يشعروا بالمدنية الحاضوة وغرائبها.
سحر أصحاب التنويم
النوع السابع: سحر التنويم، وعبر عنه الرازي بتعليق القلب، وهو أن يهول الساحر على ضعيف العقل قليل التمييز، ويوهمه أنه سحر أصحاب التنويم يتصرف في الجن حتى يؤثر عليه، فيصدقه، ويتعلق قلبه به، ويسلب شعوره من الرعب، فيكون معه كالنائم، وهنالك يفعل الساحر به ما شاء، وعامتنا تعبر عن هذا الساحر بالمصروع، وعن حركاته بالتهوال.
سحر النمام
النوع الثامن: سحر النميمة بالسعي بين الناس من وجوه خفية لطيفة، ولم ينفرد الرازي بإدخال النميمة في السحر، بل سبقه إليه أبو بكر الجصاص في " أحكامه "، وفعله أيضاً الراغب في " مفرداته "، وهو مقتضى ما أخرجه مسلم عن ابن مسعود رضى الله عنه، أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أَلَا هَلْ أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ؟ هِيَ النَّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ» (81).
والعضه- بفتح فسكون-: السحر في لغة قريش، والعاضه: الساحر عندهم، قاله في " الصحاح ".